قوس ماركوس أوريليوس
بُني في عهد الملك الروماني ماركوس أوريليوس
(نبذة)
ماركوس اوريليوس انطونينوس أوغسطس ( 26 ، 121 - 17 / 180) Marcus Aurelius الامبراطور الروماني من 161 حتى وفاته. الأمبراطور الروماني الفيلسوف. كان آخر"خمسة اباطره جيدون "حكموا الامبراطوريه الرومانيه من 96 إلى 180 ، كما أنه يعتبر من اهم الفلاسفة الرواقيين.
تميز عهده بالحروب في آسيا ضد اعادة الامبراطوريه البارثانية ، والقبائل الجرمانيه إلى بلاد الغال عبر نهر الدانوب. والتمرد الذي حدث في الشرق بقيادة افيديوس كاسيوس .
كفيلسوف فان "تأملات ماركوس اوريليوس التي كتبت في حملته بين 170-180 ، ما زالت تعتبر احد الصروح الادبية في الحكم والادارة.
(سيرته)
وعام 161 أصبح ماركوس امبراطوراً، وظل في الحكم حتى وفاته بداء الطاعون في فيينا (يندوبونا) عام 180، بعد حملة عسكرية قادها في شمال وسط اوروبا.
طوال هذه الفترة خاض ماركوس اوريليوس حروب دفاعية عن ارجاء امبراطوريته الضخمة على الجبهتين الشمالية والشرقية، منها نجاح قواته في رد هجمات البارثيين الايرانيين على اراضي سورية عام 166. ولكن حتى في خضم همومه السلطوية والاستراتيجية كان مهتماً بالتشريع والقوانين واصول الادارة.
من ناحية ثانية، برغم حرصه على الصالح العام الذي تجسد في اقدامه على بيع ممتلكاته الخاصة لتخفيف محنة مواطنيه من المجاعة والأوبئة وحدبه على الفقراء وتشييده المستشفيات والمياتم، فإنه ناهض المسيحية واعتبرها مصدر تهديد للامبراطورية.
(مؤلفاته)
ان ماركوس اوريليوس خلّد اسمه بين الاباطرة العظام لسبب لا صالة مباشرة له بالسلطة. اذ انه اشتهر بطول باعه في مضمار الفلسفة اليونانية، ووضع مؤلفاً ضخماً باللغة اليونانية من 12 كتاباً بالمفاهيم الاخلاقية عرف بـ«التأملات»، يعد من ابرز آثار الفكر الفلسفي الرواقي، ويعرض ايمانه بأن الحياة الخلوقة السوية تفضي إلى السكينة والطمأنينة، ويشدد على فضائل الحكمة والعدالة والاعتدال والصلابة في المواقف. (آثاره في العالم العربي)
تلك المحن التي عاشها هذا الامبراطور الفيلسوف لم تزعزع ابداً إيمانه بقيم الخير والحق في هذا العالم الفاني ، وقد ترك أفكاره وتصوراته عن هذه القيم في مذكراته النفيسة التي حملت عنوان "خواطر" ، والمدونة في اثني عشر فصلاً ، دونها الامبراطور في سنواته الأخيرة أثناء حروبه المتصلة مع الجرمان.
في هذه المذكرات يبدو لنا هذا الرجل إنساناً مؤمناً بالقيم النبيلة ، وروحاً شريفة نبيلة ، طابعها الأول ، الصدق والإخلاص للحق ، وقد كان في حياته العامة وتصرفاته مخلصاً لهذه المبادئ ، بحيث أنه يعرف في التاريخ الروماني بلقب " الصادق " أو" الصدوق " الذي اشتهر به في حياته وبعد مماته .
فهو يقول لمن حوله : (( احتفظ بطابعك الأصيل كما هو ، قل الحق مهما كلفك الأمر ، ولا تحد عنه قيد لفظة )) ، وهذا لا يتحقق الا اذا كان الانسان مصغياً دائماً إلى (( الإله المقيم في قلبه )) ، وهو يؤمن " بالعقل الكلي " او" العقل الكوني" الذي هو (( مصدر كل قوة وحياة وعقل وعلة ، وهو بحد ذاته قوة إلهية تسري في العالم - كما يسري العسل في أقراصه- فتنعشه وتحييه وتسيره بعدل وحكمة ))
و أمام مظاهر الشر التي يلاحظها الإنسان في هذا العالم ، فان عليه أن يدرك الحكمة الخافية وراء ذلك ، وعليه أن يدرك الخير الكامن خلف ذلك الشر فيقول : (( إن كل ما يتم ويقع إنما هو نتيجة ضرورية لتصرف ذلك العقل الكوني ، فلا بد من أن يكون حسناً وعادلاً ، ولابد من أن نتقبله بالصبر ، لا بل بالرضى والحب )) .
إن هذه النظرة الى النظام الكوني الكلي هي التي تمنحه السكينة والطمأنينة ، ليستطيع تحرير نفسه من الخوف الذي يعتريه امام تقلبات الدنيا وتصاريف القدر ، وهو يقر بضعفه عن إدراك كل هذا في بعض المرات ، فيناجي نفسه قائلاً : (( يا نفس ، هلاّ تبقين دائما طيبة صالحة مستقيمة ، ملتمة بعضك على بعض ، مجردة ، تظهرين بجلاء من وراء الجسد غلافك ؟ اتكونين حقا مغتبطة دائما ، لا تتحسرين على شئ ولا ترغبين بشئ ، مطمئنة الى ما انت عليه الان ، متيقنة من ان كل ما يحدث لك هو الخير ، وهو البلاغ المبين الذي يصلك من الله ؟ )) .
وهكذا يريد أوريليوس أن يصل بنفسه إلى أعلى درجات الرضا والتسليم للقدر ، مع إيمانه بأن كل ما قدر عليه هو خير له ، حتى الموت الذي يراه " أشد أسرار الطبيعة وقعاً وهولاً على الإنسان " ، يجب أن يستقبله الإنسان بالرضا حتى يفارق الحياة راضياً مطمئناً (( مثلما تفارق حبة الزيتون اليانعة شجرتها ، وهي تشكر الأرض التي غذتها والشجرة التي حملتها )) ، لأن الموت في نظره ليس نهاية الإنسان ، بل هو متمم لحياة الحكيم صاحب الروح المطمئنة الى ما اعد الله لها من مصير بحكمته ورحمته عزوجل .هذه مقتطفات من " خواطر " الرجل الذي عرفه التاريخ فيلسوفاً أكثر منه حاكماً ، وانساناً اكثر منه امبراطوراً .