16‏/09‏/2009

ليلة خير من ألف شهر ، ويوم ليس كغيره في الدهر

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الأحقاف : 15]
في هذا اليوم وفي هذه الليلة ،، أبلغ بالتمام تسعة وثلاثين عاماً من عمري أي آخر سنة من سنوات الأشدّ وهي مابين 33 إلى 39 ، سنوات استكمال القوة واكتمال العقل وآخر سن النشوء والنماء ، وأضع أول قدم لي في أول أيام عامي الأربعين (سنة الاستواء) ،، ولعمري أنني أسعد خلق الله أن يصادف هذا اليوم ليلة خير من ألف شهر ، ليلة القدر والذي آمل أنها تصادف اليوم (التمسوها في الوتر من العشر الأواخر) وأرجح أهل العلم على أنها أقرب إلى ليلة السابع والعشرين.. يقولون أن الأربعين هي سن اكتمال الرجولة والنضج العقلي وهي السن التي يولى فيها المرء القيادة على الأمور وهي تمام الشباب وعند جمهور العلماء هي سن النبوة ، لن أسابق الزمن فأنا لم أتمها بعد لكي أبدأ في الحديث عن مابعدها ، لكنني كما قلت وضعت الخطوة الأولى فيها وأولى بي أن أعرف مالها وماعليها فهي قمة الهرم العمري وآخر العهد بالصبا وعند تمامها نبدأ السير في الجانب الآخر من الهرَم هبوطاً ، نستقبل سنين الكهولة والشيبة ، بداية النهاية ، وهي الخلاصة المركزة من تجربة عمر أفنيته في الخير والشر ، الطاعة واللهو ، المفيد والعبثي ، إن حياة المرء دروس وعظات وعبر لمن يمعن النظر ويستفيد.
لقد رأيت مناماً خلال نومي نهاراً في هذا اليوم بالذات أسعدني فأحببت أن أشارككم فيه مع تأكيدي بأنني لست ممن يبنون قرارتهم في أمور حياتهم على الأحلام وتفسيرها إنما هي علامات للتفاؤل وتباشير خير إن وجدت ، حيث رأيت أنني خلفت إماماً في جماعة مصلين اضطر لأن يقطع صلاته فتقدمت بدلاً عنه لأكون إماماً وصليت بهم وأنا أتلو جهراً آية "ألم نشرح لك صدرك" وقرأت حتى وصلت إلى (فإذا فرغت فانصب) فنسيت الآية ثم حاولت مرة أخرى ونسيتها وأخيراً تذكرتها وتلوتها وأكملت إلى نهاية السورة ، ثم نهضت من النوم مستبشراً فرحا حامداً لله ،خاصة وأن فيها الآية (إن مع العسر يسراً) ووالله لكم أنا بأمس الحاجة إلى التفاؤل في هذه الأيام المباركات.. أنا لا أفقه في تفسير الأحلام ولا أدري الفارق بين الحلم والرؤيا وأضغاث الأحلام لكن ما أعرفه هو أن من قام من نومه مستبشراً بحلم فإن فيه الخير بإذن الله.. وقيل أن من رأى بأنه يقرأ سورة الإنشراح أو آية منها أو قُرئت عليه فإنه يأمن من الأعراض والأمراض والعلل والأسقام وقيل يشرح اللّه صدره للإسلام وقيل هو امتنان من إنسان عليه بما يصنع له وقيل ييسر اللّه تعالى عليه أمره وتنكشف همومه ، أسأل الله أن يشرح صدري ويفرج همي وغمي وأن يختم علي بالإسلام ويجعل خير أعمالي خواتيمها يا الله.
كثير من الناس ينظر لذكرى يوم الميلاد (أو ماسمّي بعيد الميلاد) على أنه بدعة من البدع التي لم ترد في السنة النبوية الشريفة وأنا أوافق على هذا (أقصد أن تجعل منه عيداً تحتفل به) بحكم أن ما أمرنا به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا أن نأخذ به وما نهانا عنه علينا أن نجتنبه ، لكنني أنظر إلى ذكرى ميلاد كل شخص منا على أنه يوم للتذكر والعبرة يجب على المرء منا أن يقف عنده ويعتبر بما قدمه في سالف الأيام (وحتى هذه فهي مسألة خلاف وينهى العلماء عنها نهياً يرقى لدرجة الكراهة والتحريم وضرورة إنكار ذلك على من يفعله) ، في نهاية المطاف هو ضرورة دنيوية للقياس والعدد ، ورسولنا الكريم ولد في عام الفيل 571 من ميلاد المسيح ، يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول وتوفي في نفس اليوم ياسبحان الله الاثنين اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول (وعلى كل حال التاريخ عليه خلاف ووردت تصحيحات من جمعية الفلك بالقطيف فذكرت أن اليوم هو التاسع من ربيع الأول) وتوفي عن عمر 63 عاماً ، ونقيس ذكرى يوم مولدنا حالياً بالتقويم الشمسي لا القمري ماعدا في السعودية التي مازالت تستخدم التقويم الهجري ، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس : 5] ، اللهم اجعل كل أيامنا في طاعتك وحسن عبادتك يا الله.. وثبتنا على الإيمان لا مبدلين ولا مغيرين يا أرحم الراحمين..

09‏/09‏/2009

برامج رمضان مابين اجترار الماضي وابتذال الحاضر

رمضانكم مبارك وصحة فطوركم،، تقبل الله منا الصيام والقيام ،، كيف أحوالكم مع هالرمضان؟؟ والله كان أسرع رمضان يمر علينا ، ويا لله إن الدنيا تهرول نحو النهاية بسرعة شديدة بحيث ماعدنا نشعر بالوقت ، تصلي المغرب ودورة تلقى الفجر يأذن ،، ماعلينا ، هذه سنــّة الحياة وهذه نواميس الكون وقد ذُكر ذلك في القرآن الكريم وماعلينا إلا التسليم به... ولكن مالايمر مرور الكرام وما لا يقبل التسليم وفق مقاييس الحياة اليومية هو مانراه ومانشاهده كل يوم في هذا الشهر الفضيل،، المقصد هو ماذكرته في عنوان هذا الموضوع ،،،

(باهي خلي انخش في الموضوع خير مانطول عليكم زي مادرت في مواضيع فاتوا ومافيش حد كمل موضوع واحد منهم)

زمان!! كانت عندنا قناة ليبية وحدة وراضيين وحامدين وشاكرين ،، ولما يجي رمضان في الصيف "نجبدو" في تونس بالـ"انتينا" الويسي السمحة هذكيا اللي تجبد في قنوات إيطاليا وتجيب تونس صافية "زي الزيت".. نتفرجوا على الكاميرا الخفية التونسية ونضحكوا مع أنها لو قورنت بما يعرض في الفضائيات الأخرى لربما كانت جداً مملة.

المهم في رمضان كانت العادة التي لايمكن أن تختلف عليها عائلتان ليبيتان هي الاجتماع فور الانتهاء من صلاة المغرب على مائدة الإفطار ،، وكانت البرامج الرمضانية بكل تأكيد جزء من تلك المائدة بما تحمله من مادة متنوعة تتدرج من الدينية إلى الجادة إلى الكوميدية خفيفة الظل وفوق أنها جذابة ومميزة تضع اليد على الجرح ، من زمااان واحنا نعرفوا سمعة وقزقيزة (الله يعطيهم طولة العمر) وبنور (الله يرحمه) وعمك عبدالرزاق بن نعسان (رحمة الله عليه) ، وقتيلة وطبايخ ، وبعدين جاء الثلاثي فتحي كحلول وسعد الجازوي ولطفية ابراهيم (ساعة لقلبك) ومن ثم بدوا الضيوف الجدد من الشباب يهلوا علينا واللي فرض نفسه من بينهم -حسب وجهة نظري- هو خالد كافو ومعاه العامل المساعد عبدالباسط أبوقندة في برنامج قالوها ، ثم برز حاتم الكور من بعد ذلك والذي أكل الجو بطريقته الخاصة والجديدة في الأداء،، لايمكن أن ننسى بعض البرامج من هنا وهناك مثل مكتب مفتوح وغيرها ، طيب لهنايا كل الأمور (OK) ،، ولاحظوا كل هذا وكانت عندنا قناة واحدة أرضية ومن ثم أصبحت فضائية حتى لاتبث 24 ساعة ،، كانت اسطوانة الإمكانيات هي اللي تتحكم في الإنتاج ونوعية المعروض ومن يعرض ومتى يعرض برنامجه ،، وصاحب الحظ (وأحياناً الحظوة) اللي يحصل الدقائق التالية للبسباسي على طول ، وكانت غالباً أقرب إلى البرامج من تأليف أحمد الحريري وعبدالله الزروق.
في السنوات الأخيرة (مش من بعيد يعني) زاد عدد القنوات الفضائية الليبية حتى فات عددها الأربعة هذا الموسم ولأول مرة في تاريخ الإعلام الليبي ، وعندما زاد التنافس بين هذه الفضائيات (اللي جميعها ملك للدولة بشكل أو بآخر) وبعد أن توفرت الإمكانيات بأرقام قيل أنها فلكية (مقارنة بحجم قيمة الإنتاجات السابقة طبعاً أيام الفقر) يفترض أن هذا يجعل من الإبداع أكثر حضوراً والتنافس على عرض الأفضل موجود.. لا والجرأة في الطرح يفترض أن تكون أكبر من ذي قبل بسبب مايفترض أنه مساحة حرية ممنوحة لم تكن متوفرة في السابق..
لكن!! المفاجأة غير السارة أن ماحصل هو العكس ،، التراجع رهيب ، الإبداع في خبر كان ، السماجة هي الضيف الثقيل ، التقنية والقيمة الإبداعية لو قلنا في الحضيض فسوف نجاملهم بهذا التعبير.

طيب! كيف؟ شنو اللي صار؟


أهو نقوللكم اللي صار...
الكور كوّرها في الفضائية الجماهيرية وباقندة ماقال شيء في قالوها ، و ماسمعتشو؟ هذا الموسم اختفى خالد كافو!! اللمة والشاهي واللوز مشاهد رفع عتب ومحتوى فارغ ولاتعرف ماذا يريدون القول! يعني كانت مسألة كسرلي حارة وزوز لا أكثر.. وبعدين فاجأنا قزقيزة ببرنامج لا راس لا ساس ، هو والـ"نصيب" ليظهر لنا في كل حلقة مع نجم مرة مصري مرة ليبي في ضيافة بلامعنى سوى المجاملة ، والبرنامج كله على بعضه لايمكن أن نحكيلك عليه ولولا أنهم مستعينين بخفة ظل مختار الأسود كان راحت ليل.. الجماهيرية2 (الليبية سابقاً) لعبت على نجاحات (الطفرة) لنجم بنغازي الأبيض واللي ماكانش أبيض ولا أسود .. والعجيلي اتفق هو وخدوجة وبإصرار على اجترار نجاحات الماضي في شخصية اسميعين ، خدوجة ظهرت تائهة تريد استرجاع شيء من النجومية السابقة (إن وجدت) ، والجماهيرية 2 والشبابية أيضاً معها لعبتا على نغمة البرامج الخفيفة من نوع قول الإجابة وخود جائزة ، وهي برامج لايتفرض أبداً أن تطرح على مائدة الإفطار بهذه الطريقة ، بين هذا وذاك مر الكثير الكثير من الغث والسخيف ، المبتذل والعقيم ، بين هؤلاء برزت ليبيا الرياضية وكأنها أكلت عليهم الجو كله بعرضها منوعة المائدة على مائدة الإفطار لتذكرنا بسنوات سابقة كانت هذه المنوعات تعرض في قناة ليبيا (بعد توقف إنتاج برامج السكيتشات الخفيفة في مدة من الزمن) فراهنت ليبيا الرياضية على الماضي بعرض فقرات من تلفزيون الأبيض والأسود ومختارات من القديم فذكرتنا بذلك بلقطات جميلة ذات قيمة ومعنى تجعلنا نتحسر على ناس زمان وأيام زمان ونفكر ألف مرة ، لماذا هذا التراجع الحالي الرهيب في مستوى الدراما الليبية بهذا الشكل؟؟

أنه وقت انعدمت فيه المسلسلات الدرامية الليبية بالكامل ،، برامج خفيفة لكنها ثقيلة الظل ،، وحتى الكاميرا الخفية أظهرت لنا سلوك المواطن الليبي العصبي غير المتزن (اللي ماعنداش الريح وين يدور) والذي لايحتمل الذبانة تطير أمام وجهه ومستعد يرفع يده ويضرب من أول ردة فعل مع أنني متأكد أن المعروض هو (تنقاية التنقاية بعد تصفاية التصفاية)..

الدراما الليبية لم تتخل عن عادتها الدائمة وهي النوم طوال السنة والقيام من هذا السبات قبل رمضان بأيام ليهرول الجميع و"يلهلقوا" على نصيبهم من الكعكة ، خاصة الآن بعد أن تعددت الفضائيات وقنوات العرض ، فزادت الحصص من الكعكة وقلت نسب المنافسة الحقيقية ،، إن هؤلاء النجوم بإمكانك أن تجمعهم جميعاً في برنامج واحد ليقدموا برنامجاً واحداً ناجحاً ، لكن هذا أصبح مستحيلاً اليوم بسبب أن الأجر سيكون أقل وهاجس النجومية المسيطر على عقول الجميع مع أنه وهم ، ولذلك يصح أن نقول أنهم ممثلين فرقتهم الفضائيات وجمعهم السقوط في فخ الابتذال.. رغم أن غالبيتهم لديهم ملكة وموهبة التمثيل وعندهم مايقدمونه ، ولكن الطمع ضر مانفع...
هذا الموسم هو أفشل المواسم ، لا تستطيع أن تكمل مشهد واحد ، سيناريوهات مفككة ، حوار ضعيف ، أداء سطحي ، الفوضى عارمة ، وتكرار واجترار ، والمواضيع التي يتم مناقشتها ليس لها هدف واضح محدد رغم أنها تتناول مظاهر من حياتنا ومجتمعنا اليومي ، ومازالت برامج الرسوم المتحركة على رداءة الصورة فيها تحظى ببعض الشعبية أكثر عن غيرها..

بقي على رمضان 10 أيام تقريباً ، وبعدها ستعود الدراما الليبية إلى سباتها السنوي المعتاد ويامن عاش لرمضان الجاي ، إن كنا من أهل الدنيا حتى نشاهدهم من جديد .. وأتاريهم زمان على قلة الإمكانيات كانوا أفضل حالاً .