كل إنسان في صغره يسألونه "ماذا تتمنى أن تصير عندما تكبر؟" ،، ولأن السؤال تقليدي ومكرر ستجد الطفل يذهب تلقائياً إلى الجواب التلقيدي ، واحد يقول مهندس وواحد يقول طبيب (وبالمناسبة هذه أكثر الأجوبة التقليدية تكراراً) وإن شطح بفكره قليلاً ستكون إجابته إما كابتن طائرة أو ربان سفينة ،، ثم إذا أثقلت عليه في السؤال وقلت له "علاش؟" ، هنا سيمتعض وقد يرد وقد لايرد ، وحسب ذكاء ونباهة الطفل يكون الرد ،،لكن هل تتوقع من الطفل أن يجيب مثلاً بالقول "أتمنى أن أكون مواطن حر سعيد في بلدي"؟؟ ، أكيد لا ، ولا حتى عندما يكبر في العمر قليلاً سيدرك معنى هذه الجملة أساساً ، لأن الإنسان كلما ازدادت سنوات عمره كلما أدرك مايجري حوله بعد خروجه من تحت مظلة الأب والأم أو ولي أمره الذي يكفله وعائلته التي تحميه ويدرك مصاعب الحياة عند أول وهلة يصطدم بأهوالها هنا سيتعلم تفاصيل لم تلقن له في صغره ولم يتعلمها من والديه أو من قام بتربيته ، حتى الأطفال الذين عركتهم الحياة منذ الطفولة واضطروا للعمل قد لايكون حلمهم بهذا المعنى الكبير الذي نقصده..فوق بلده يستحق المرء حياة سعيدة راقية مرفهة ،أكثر قدراً وهيبة ، أكثر أمناً على مستقبله ومستقبل عياله ، حياة أفضل بكثير من تلك التي يعيشها.. في بلدي المواطن الذي يحمل الجنسية الليبية من حقه أن يحلم بأن تكون صفة "ليبي" تعني الكثير عنده وعند الآخرين ، وعندما ينعتك أحدهم بـ "العربي الليبي" تعلم أنه يشير إلى شيء مهم جوهري وليس هامشياً. طيب ، يقول القائل ، "وخيره ؟ (اش بيه؟) شن ناقصه حتى نقول هالكلام؟ عايشين والخير يغمرنا والحمد لله!! شني تبي أكثر؟ حالنا أفضل من كثيرين غيرنا وأمورنا فل الفل ، وغالبيتنا متمكن من لقمة العيش اليومية ومافيش حد ميت من الجوع والكل حامد ربه على هالنعمة ، شن تبي منهم يديرولك وشن هالمميزات اللي تبيها؟؟"
أتمنى أن أكون قد أوصلت الفكرة وهي حلمي بأن أكون (مواطن حر سعيد لي قيمة وأستحق التقدير والاحترام فوق بلدي وخارجها) ،،
أكرر ،، أنا لست مهاناً وأحمد الله على مافيه من خير ،، لكنني أنشد التفوق والعلا لهذه البلد ولمواطنها الذي يستحق أن يكون في أعلى مكانة.حلم مشروع متى يتحقق كما أريده بالضبط؟
وأتمنى أنني لم أفرط في الأحلام وأن الواقع كان أفضل مما أحلم به بكثير.. لكن كلما رحت يمنى أو يسرى أجد أن الواقع غير الحلم والحلم يتنافى مع الواقع.. ولا أجد ماأختم كلامي به إلا ماقاله الشاعر (بلدي وإن جارت علي عزيزة ،، أهلي وإن ضنوا علي كرام).


